قصة المكالمة المرعبة- الجزء الخامس عشر
الناس كانت متجمعة حوالينا...
همسات، صريخ خافت، موبايلات مرفوعة بتصور.
والحارس واقف قدامي في نص الميدان، واضح اكتر من اي مرة فاتت... لكن لسه ناقص.
الهواء تقيل.
صوت الدينا مكتوم كأن حد واطي الصوت علي الحياة نفسها.
الختم علي إيدي كان مولع...
مش نار تحرق، نار تكشف.
سمعت صوت فيصل في ودني، مش من التليفون:
-دلوقتي يا رايد... افتكر. الخوف اللى اتحبس جوا المكان... لازم يرجع لأصله.
الحارس ضحك، بس الضحكة بقت متكسرة:
-هم عمرهم ما نسوني.
انا اللي فكرتهم.
انا صراخهم في الليل...
انا كوابيسهم اللي ما بتخلصش.
رجل من الناس صرخ فجأة، ماسك رأسه:
-الصوت... مش عارف يطلع من دماغي!
الظل كان بيتمد...
يمس الناس...
من غير ما يلمسهم فعليا.
وبمجرد ما يقرب، وشوشهم تشحب.
عرفت الحقيقة.
قلت بصوت عالي، ومثبت عيني في الفراغ اللي بيشكل وشه:
-إنت مش ذاكرة.
انت صدي.
صدي خوف اتحبس سنين.
الهواء اهتز.
الختم شق جلدي بخط نور.
الحارس صرخ:
-من غيري... هيفضلوا ضعاف!
الخوف هو اللي بيحميهم!
رديت وانا برفع إيدي قدام الكل:
-الخوف إنذار...
مش سجن.
وإنت تحولت من إنذار لطاعون.
الناس لما سمعت الكلام، ابتدت تبتعد...
مش تهرب...
لكن تسيب مساحة.
كأن حد فاهم.
الانوار في الميدان قويت فجأة.
نور ابيض مباشر، مش اصفر ولا احمر.
الحارس بدأ يتشوه.
جسمه يتكسر،
مش دم،
لكن شقوق هوا.
بشري ظهرت للحظة...
مش بالجسم...
بالصوت.
-رايد... لو كسرت الرابط... إحنا هنختفي.
صوت فيصل رد، هادي:
-نهايتنا كانت من زمان. سيبه يخلص اللي لازم يتعمل.
الختم علي إيدي اتفتح كأنه باب.
نور خرج...
ومعه صوت عالي قوي...
كأنه الزفير الأخير لمكان قديم.
الحارس مد إيده، مش غاضب...
مكسور.
-ما كنتش عايز اختفي. كنت عايز اتحسس.
قربت خطوة، وقلت بهدوء:
-الأحساس مش بالقيد. ولا بالخوف. لكن بالاختيار.
ولأول مرة...
الحارس وقف.
انكمش...
والظل تقلص...
وبقي نقطة سودة في الهوا...
وبعدين اختفي.
الناس وقفت ساكتة.
ثواني...
وبعدين الدنيا رجعت.
صوت عربيات.
حد بيضحك.
حد بيستفسر.
الختم علي إيدي انقفل...
وساب اثر خفيف، كأنه ندبة قديمة.
فيصل اختفي.
بشري اختفي صوتها.
رجعت البيت مع شروق الشمس.
فتحت المراية.
وشي وشي.
عيني... طبيعيين.
قلت في نفسي.
خلصت.
لكن التليفون رن.
رقم مجهول.
رسالة واحدة بس:
«الخوف عمره ما بيختفي... هو بس بيغير مكانه.»
وفي الانعكاس...
شفت ظل خفيف...
واقف ورايا.
مش واضح.
بس موجود.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ايه اللي هيحصل في الجزء السادس عشر تبعوني علشان استمر.
بقلم:Mohammed kalaf

تعليقات
إرسال تعليق