القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة المكالمة المرعبة(الجزء الثامن عشر)

قصة المكالمة المرعبة

 قصة المكالمة المرعبة-الجزء الثامن عشر 

الهوا كان بارد بشكل غير طبيعي...
مش برد شتاء، لأ... برد يخليك تحس إن العظام نفسها بتتجمد من جوا.
وقفت قدام المكان اللي المفروض كان البيت واقف فيه... لكن الأرض كانت فاضية، كأن عمره ما كان موجود.
ولا أثر لطوبة، ولا باب، ولا حتي حفرة تدل إنه كان هنا.
الجملة اللي كانت محفورة علي الحجر—
،،عاد... من اختار.،،
كانت بتزن في وداني، كل ما اقراها أحس إنها
بتتغير... 
كان الحجر نفسه بيتنفس.
وأنا واقف بفكر...
الجوال اهتز في جيبي برجة قوية.
طلعت أشوف مين...
نفس الرقم... رقم فيصل.
فتحت الرسالة:

،،ارجع... وإلا هنضطر نخليه ييجي لك بنفسه.،،

ما لحقتش حتي استوعب الجملة...
ظهر تحتها رسالة تانية:

،،الوقت خلص.،،

وبعدها...
الجوال فصل.
لا بطارية... ولا شبكة...
بس شاشة سودا.
الهدوء اللي حواليا بدأ يتغير...
الليل حواليا بقي أغمق، مش بالشكل الطبيعي...
أغمق كأنه بيتقلب لسواد سائل.
ووسط السواد...
كان في صوت خطوات.
خطوات ثقيلة... لكن مش علي الأرض.
صوتها كان جاي من الهوا... فوق... جنبي... ورايا في نفس اللحظة.
قلت بصوت واطي، رغم إنه مكنش في حد يسمعني:

-فيصل... بشري... لو بتلعبوا، فالموضوع اتخطي المزاح.

الهواء اتقطع لحظة...
وحسيت إن في حد واقف ورايا.
دورت بسرعة...
مفيش أي حد.
بس ريحة...
ريحة تراب قديم... وبخور... ودخان.
نفس الريحة اللي كانت في البيت قبل ما يختفي.
رجعت خطوتين لورا...
ولما رجعت، رجلي لمست حاجة.
بصيت تحت...
لقيت ظرف بني، قديم، مترب، كأنه كان مدفون من سنين.
والأغرب...
إن الظرف مكتوب عليه اسمي:

،،إلي رايد.،،

فتحت الظرف بإيدي اللي كانت بتترعش...
كان فيه ورقة واحدة، مكتوب عليها بخط واضح:

،،لا تهرب.

لو هربت... هيهرب معاك.،،

سألت نفسي بصوت مسموع:

–مين،،هو؟،،

والأجابة...
جات من الظلام قدامي مباشرة.
ظهرت عينين...
مش بشرية...
دواير سوادء كبيرة، مالهاش بياض...
وبينهم لمعان خفيف كأنه صدي لشىء مش من العالم ده.
الصوت اللي خرج...
كان صوت الحارس.

-أنت... اخترت. لكن اختيارك غير كافي. لازم ترجع حيث بدأت... حيث خرجت.

قلت بصوت محشور في صدري:

-أنا مش واحد منكم. أنا... إنسان.

الظل اتحرك بسرعة، لدرجة إن الارض نفسها اتشقت تحته.
قرب لحد ما حسيت ريحته... ريحة موت... ريحة ماضي مش بتاعي.

-كنت.  لكن يوم اتولدت... كنت لنا. وكل اللي بعده... كان استعارة. ودلوقتي... لازم نرجع الامانة.،،

قلبت وشي ناحية الغابة اللي ورا المكان...
كان في نور ابيض بعيد...
ضعيف... لكنه ثابت.
الصوت النوري اللي ظهر قبل كده...
كان بينادي من بعيد:

-رايد... لو رجعت مع الظل، هتنتهي. ولو جيت ناحيتي... هتبدأ. والبداية أصعب من النهاية.

اتجمدت.
خطوة واحدة يمين... أروح للحارس.
خطوة واحدة شمال... أروح للنور.
أختار مين؟
أصدق مين؟
مين الصح؟
ومين الكذاب؟
السواد حواليا بدأ يتحرك...
كأنه دايرة قفلت حواليا بالكامل.
والنقطة البيضاء في اخر الغابة كانت بتنادي، بس كل ما اقرب خطوة... تحس أنها بتبعد.
الحارس قال بصوته اللي يقطع النفس:

-اختر الأن. قبل ما أختار بديلك.،،

وأول مرة...
أسمع صوت ثالث.
مش الظل...
ولا النور.
صوت طفل.
طفل صغير... واطي...
واقف ورايا وبيقول:
**–ما ترجعش... لو رجعت... هنبقي إحنا اللي نختفي.،،
اتلفت...
وشفته.
طفل...
ملامحه شبه ملامحي وأنا صغير.
نفس العين... نفس الشعر...
بس... شفاف.
كأنه أنا من الماضي.
وقال الجملة اللي جمدت دمي:

-انا النسخة اللي مكانها كان البيت... واللي خرجت بدالك. ولو رجعت... هبطل أكون موجود.،، 

وبصوته الضعيف قال:

-اختارني... عشان أكمل اللي بدأته."

والعالم كله توقف.
تلات طرق...
تلات اصوات...
وكلهم مستنيين كلمة واحدة.
كلمة هتفتح باب... وتقفل ألف باب.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
استنوني الحلقة اللي جاية هتكون مشواقه اكتر.
بقلم:Mohammed kalaf

تعليقات